القرضاوي يدعو الأمة إلى دعم المقاومة بالمال والسلاح
موقع القرضاوي/26-1-2009
مهند الشوربجي - الدوحة
دعا العلامة الشيخ يوسف القرضاوي - رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين - الأمة الإسلامية إلى دعم المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح حتى تتمكن من مواجهة العدو المعتدي، كما دعا حكام العرب والمسلمين إلى أن يتقوا الله في شعوبهم، ووجه التحية والثناء إلى غزة المرابطة ومجاهديها وإلى أمة القرآن التي أثبتت " أنها عند حسنة الظن" بها.
وفي خطبة الجمعة 23 يناير وجه فضيلته مجموعة من الرسائل إلى كلا من: إسرائيل، وأهل غزة، ورجال المقاومة، والأمة العربية والإسلامية، وإلى أحرار العالم، وإلى حكام العرب والمسلمين، وتساءل هل سينتصر الرئيس الأمريكي الجديد لجذوره الأفريقية وأصوله الإسلامية ولحقوق الإنسان أم أنه سيظل على نهج أسلافه؟
فشلت إسرائيل المعتدية
وتوجه الشيخ القرضاوي بالرسالة الأولى إلى إسرائيل قائلاً: أريد أن أوجه رسالة إلى الكيان الصهيوني الغاشم إلى إسرائيل المعتدية، وهي دائماً المعتدية المستكبرة في الأرض بغير حق، نقول لها لقد فشلت خطتك وعدت بالخيبة ولم تستطيعي أن تحققي الأهداف التي وضعتها نصب عينك لهذه الحرب، وكل ما فعلته إسرائيل أنها خربت ودمرت وقتلت وأحرقت وارتكبت من المآسي والمجازر وحمامات الدم ما يندى له جبين البشرية وما جلب عليها سخط العالمين ولعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وأضاف: كل الناس أنكروا عليها، وكل الناس ذموها، وكل الناس اعتبروا أنها مجرمة حرب، حيث ارتكبت في هذه المجزرة هذه المأساة ما يسمونه في القانون: جرائم حرب؛ يجب أن تحاكم عليها.. جرائم إبادة عنصرية ارتكبت جرائم وحشية، وحتى مندوب الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية قال إن الحرب الإسرائيلية اتخذت طابعا لا إنساني، هذه الجرائم لم يكن فيها ذرة من الإنسانية؛ لأنها قتلت أناسا لا يملكون السلاح فقتلت المدنيين والأطفال الرضع، قتلت الشيوخ الركع، وقتلت النساء اللائي لا حول لهن، وهدمت المنازل على رؤوس أصحابها، ودمرت المنازل والمصلين فيها، خربت المدارس والتلاميذ فيها، وضربت المستشفيات، ولم ترع لأحد عهدا ولا حرمة، ولم ترقب في مؤمن إلاً ولا ذمة.
وتابع: هذا هو شأن اليهود الغادرين دائماً ينتهكون الحرمات ويدوسون على المقدسات ويسفكون الدماء، ولهذا ستلعنهم الملائكة، الدماء التي أريقت، والجثث التي تفحمت، والجماجم التي تهشمت، والبيوت التي تهدمت، والأطفال التي تيتمت، والنساء اللاتي ترملت، والأمهات اللاتي ثكلت، وسيثأر منهم القدير الأعلى، إنهم فشلوا وسيعاقبون أمام المحاكم في الدنيا إن شاء الله، وفي الآخرة سيعاقبون بجهنم وبلعنة الله، وستعاقبهم الأجيال القادمة والأجنة في بطون أمهاتها، والأطفال الصغار الذين رأيناهم يتحدثون عن المأساة، والطفل الذي قتلت أمه وقتل أبوه وإخوانه وأخواته وقتل أخواله وعماته، ماذا سيكون موقف هذا الطفل يوما أو يومين أو سنة أو سنين، إنه سينتقم من هؤلاء، وستنتقم الأقدار منهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل فيقول سبحانه "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون" ، وسيكون الله لهم بالمرصاد، وإن الذي أهلك ثمودا بالطاغية، وأهلك عادا بريح صرصر عاتية، وأخذ فرعون وجنده أخذة رابية، سيأخذهم ولن يبقي لهم باقية، سيأخذهم أخذ عزيز مقتدر، سيأخذهم أخداً أليماً شديدا؛ لأن الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد، ويراقب كل شيء ، ولكن كل شيء عنده بمقدار، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وحتى إذا جاء الوقت الذي يحدده الله سبحانه وتعالى نزلت بهم نقمة الله، ويقول الله سبحانه وتعالى: "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين"
واعتبر القرضاوي أن إسرائيل تحاول أن تغطي فشلها بدعاوى باطلة، وقال: لقد حاول أولمرت أن يغطي فشلهم بدعاوى كاذبة، ولكنهم لم يحققوا شيء ولم يستطيعوا أن يستولوا على أي بقعة في غزة، ويتحكموا فيها، ولم يستطيعوا أن يصلوا لأسيرهم الذي بحثوا عنه بإبرة ولم يجدوه، ولم يستطيعوا أن يحطموا حماس أو يضعفوا من شوكتها، بل ازدادت قوة على قوة، وأرادوا أن يخمدوا جذوتها فازدادت اشتعالا، وصدق الله العظيم إذ يقول: "ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما".
وتابع: إن ما فعلته إسرائيل هو تقتيل وتدمير فقط ولم تحقق أهدافها، ولكن قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة شهداء أحياء غير أموات، يقول سبحانه: "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ" ويقول سبحانه: " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ"، الشهداء يستبشرون بالمجاهدين والذين يمشون في طريقهم لا يستسلمون، إلا إذا كان هدفها كما قرأت اليوم أن إسرائيل لها هدف آخر لم تكشف عنه وهو أنها أرادت السيطرة على احتياطي الغاز أمام سواحل غزة، فهناك احتياطات غاز إسرائيل استولت عليها، وأرادت أن تتمكن منها، وأرادت في هذه الحرب أن تستكمل تمكنها وسيطرتها، ولكنها أرادت أيضاً أن تكسر شوكة حماس وفصائل المقاومة؛ حتى لا يستطيعوا أن يطالبوا بحقهم ويسلموا لهم هذا الغاز حتى هذا إن شاء الله لن يستطيعوا أن يصلوا إليه، وسيصل أهل غزة إلى حقهم في غازهم وفي سواحل أرضهم وبلدهم.
غزة.. دار الكرامة
وأشار فضيلته إلى أن غزة التي وصفها بدار الكرامة والعزة واجهت العدو بكل إنفة وعزة وبكل شجاعة ومرابطة ومثابرة، وقال إنها البلد الذي سماه الإسرائيليون في القديم أهل الجبارين إنهم شعب الجبارين ، فعندما قال لهم موسى ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ، وكان المقتضى أن يقول لهم نبيهم الذي أنقذهم الله على يديه إن الله كتب لكم دخول هذه الأرض أن يدخلوا، ولكنهم واجهوا نبيهم بالقول: إن فيها قوما جبارين وإنا لا ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها إنا داخلون، هؤلاء كانوا أهل غزة لأن الاسرائيليين جاءوا من مصر فأول بلد تقابلهم في فلسطين هي غزة، ولذلك بدت هذه القوة والصلابة والصبر على الحصار الطويل وعلى سياسة التجويع.
إن هذا الشعب الصابر التف حول حكومته وناداهم اسماعيل هنية بعد موسم الحج واجتمع مئات الآلاف من أهل غزة وكأنه موسم حج آخر ووقفوا مع الحكومة المنتخبة والتي يسمونها الحكومة المقالة ، إنهم صبروا على حياة ليست بها أسباب الحياة فقطعوا عنهم المأكل والمشرب والكهرباء والوقود والغذاء والتدفئة وكل ما يحتاجه الناس، وظل هذا الشعب راضياً صابراً مصابراً لا يركع ولا يتزحزح، وكذلك كانوا أيام الحرب والقذائف تنهال عليهم من زوارق البحر ومن طائرات الجو من دبابات البر دخلت إسرائيل ب30.000 جندي لأنها بالنسبة إليهم معركة كبرى مع شعب أعزل لا يستطيع أن يصل إلى السلاح لأن الدول من حوله تمنع أن يصل إليهم شيء من السلاح، والمعابر المتاحة لهم يحرم أن يدخل إليها السلاح، والأنفاق التي يحفرونها بأيديهم يحطمونها عليهم جيرانهم للأسف العرب المسلمون .
ورغم قلة السلاح وضعف العدد والعدة استطاعوا أن يصبروا ويصامدوا فمن قتل فهو شهيد ومن جرح فالشكل شكل الدم والريح ريح المسك، وأي لكمة تصيبهم فهي محسوبة لهم عند الله، كما يقول الله تعالى:" ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيع أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ُ"، كل ما أصاب هذا الشعب في ميزانهم يوم القيامة حسنات وبركات فقلد أصيبوا بما أصيبوا به، وما أصيبوا به ليس بالشيء الهين.. ثلاثة أسابيع يلقون فيها من الأذى والعذاب والقتل والتدمير ولكنهم صابرون مصابرون مرابطون.. حياكم الله يا أهلنا في غزة.. حياكم الله يا إخوان غزة..يا شباب غزة.. ياشيوخ غزة.. يا اطفال غزة.. يا كل حي في غزة.. حياكم الله، وبيض وجوهكم، كما بيضتم وجوهنا، إن صبر هذا الشعب العجيب الذي التف حول حكومته ولم يغدر بها كما كانوا يظنون، وكيف يغدر بها وهو الذي انتخبها؟! ولن يتخلى الله عنهم ، لأن القرآن لم يصف المؤمنين بالهزيمة أبداً، والكفار سيهزمون، كما قال الله تعالى: "سيهزم الجمع ويولون الدبر"، ولكن ما يصيب المؤمن القرح والجراحات وتصيبهم كما تصيب أعداءهم وكما قال الله تعالى: " إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس"، والدهر يومان يوم لك ويوم عليك، والدنيا دول ودوام الحال من المحال، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا "قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ".
حماس أشد قوة
وخص القرضاوي رجال المقاومة في خطبته قائلاً: رسالتي الثالثة إلى رجال المقاومة وخصوصاً أبناء حماس؛ لأنها هي المقصودة من هذه الحرب، فكل هذه الحرب وكل هذه النار وكل هؤلاء الجنود الذين ذهبوا وكل هذه الدبابات من البر وكل هذه الطائرات من الجو وكل هذه الزوارق من البحر، كل ذلك للقضاء على حماس كسر شوكة حماس، ولم تنكسر شوكة حماس، بل قويت وقويت إرادتها واتصلت بها الجماهير في كل أنحاء العالم، والأمة الإسلامية كلها كانت وراء حماس؛ ما غاظ الكثيرين الذين كانوا يتمنون أن تفشل حماس، وان تذهب بلا رجعة، بل حتى إن بعض حكام العرب المسلمين ممن أسماؤهم محمد وأحمد وحسن وحسين كانوا يتمنون من كل قلبهم أن تنصر إسرائيل وتهزم حماس وأن ينتصروا على المسلمين ولكن الله خذلهم وخيب ظنونهم، وخرجت حماس منتصرة، خرجت أشد قوة، وازدادت إيمانا على إيمان، لأن المحنة تقوى المسلمين وتزيدهم ارتباطا بربهم، وصلة بالله عز وجل، كما قال الله عز وجل:
" الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".
وأضاف: بل إن أمريكا أمدت إسرائيل بأسلحة متطورة لم تستخدم قط واستخدمت في الحرب لأول مرة على قطاع غزة، وتجربها إسرائيل في حماس، وفي أبناء غزة، وفي أبناء الفصائل المجاهدة، هناك الذين قدموا الشهداء، وخسر الشعب الأموال والمنازل، وهذه ليست خسائر بل إنها ثمن الحرية الذي لم يفرط الشعب بها وبكرامته، وقد تعيش ذليلاً ولم يمس منزلك شيء، ولكي تستمد حريتك قد تحتاج إلى خسارة الأموال والمنازل والشهداء، وكما قال شوقي: "للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدقّ" ، وإن الحكام الذين أرادوا أن تفشل حماس لم يمكنهم القدر بذلك وباءوا بخزيهم وماتوا بغيظهم كما قال الله تعالى: " قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصيبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله عليم بذات الصدور"، العبرة للعاقبة والعاقبة للمتقين والنصر للمؤمنين، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين.
حياك الله يا أمة محمد
وحيا الشيخ القرضاوي الأمة الاسلامية والعربية قائلاً: حياك الله يا أمة محمد، ويا أمة القرآن، يا أمة الاسلام، يا أمة المآذن، يا امة لا إله إلا الله والله اكبر ، وأضاف لقد أثبتت الأمة انها حسنة الظن، وأثبتت أن الأمة الإسلامية موجودة، وأثبتت أنها موحدة حتى لو كان قادتها وزعماؤها متفرجين ومتفرقين، ولم يستطيعوا أن يجتمعوا في قمة، ولكن الأمة متحدة وأثبتت قوتها، ولكن ما يحول بينهم وبين ما يريدون، هم المسئولون عنهم وعن قيادتهم.
وتابع فضيلته: لقد وقفت الأمة العربية والاسلامية من المشارق ومن المغارب ومن الشمال إلى الجنوب ومن الفلبين وإندونيسيا إلى المغرب وموريتانيا، وقفت بكل قواها وبكل فئاتها من اليمين واليسار والاسلاميين والقوميين كل الاتجاهات، كل الأمة غضبت لهذا العدوان، وغضبت للأخوة في غزة، وغضبت على المعتدين الظالمين الغادرين "الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة" ، كانت الأمة الاسلامية عند العهد بها وعند الظن بها وهذه الأمة لا تموت، إنها الأمة الباقية إلى يوم القيامة، إنها آخر الأمم فأنزل الله عليها آخر الرسالات، وأنزل الله عليها آخر الكتب، وبعث لها آخر النبيين وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فهذه الأمة لا تموت ولكنها قد تنام أو تنوم أو تخدر، ولكن إذا جاءت الأحداث الكبار أنقذتها من هذا النوم والثبات وأحيتها وجمعتها من شتات، وهذا ما نراه حينما تأتي الأحداث، حينما غضبت للإساءة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بالرسوم الكاريكاتورية فقامت الأمة الإسلامية تدافع عن رسولها وتغضب لنبيها، وحينما اعتدى المعتدون على غزة وتجبر المعتدون عليها بأسلحة الدمار التي يمتلكونها والمعتدون بالمال الأمريكي والسلاح الأمريكي والفيتو الأمريكي.
إلى أحرار العالم
وقال فضيلته مخاطباً كل الأحرار والشرفاء: أخاطب كل العالم الحر كل العالم شرقيه وغربيه حتى في أوروبا التي تتواطأ وتصمت صمت القبور عن ما تفعله إسرائيل، إن ذلك العالم الحر الذي أتحدث عنه موجود في أمريكا وفي أوروبا فقامت المسيرات هناك، وحتى بعض اليهود الذين يعتقدون أن قيام إسرائيل لعنة عليهم، ورأينا يهوداً ونصارى وكوبيين ووثنيين ومن كل الأصناف في العالم الحر من يقف، ويقول للظالم: لا،ومن يقف ضد من قتل المدنيين ودمر المنازل.. مذابح وحشية ارتكبت والعالم يشاهد بل إننا نصفها بالوحشية ونظلم الوحوش؛ لأن الوحوش لا تفعل ذلك فالأسد لا يأكل الإنسان إلا إذا جاع وأراد شيئاً يأكله.
اتقوا الله في شعوبكم
ووجه الشيخ يوسف القرضاوي رسالة أخرى إلى حكام العرب والمسلمين بأن يتقوا الله في شعوبهم، واستنكر ضعف القيادة العربية والاسلامية، واستشهد بقول أحد المصلحين إن المسلمين على خير ولكن الضعف في قيادتهم ، ضعف الأمة في القيادة، في الإدارة السياسية، هم في واد وشعوبهم في واد، ولم يعودوا يعبدون الله بل يعبدونا شيئاً اسمه الكرسي، كرسي الحكم، هو إلههم من دون الله، ولكننا لا نعمم فالتعميم غلط، ولكن هذا ما شاهدناه من أهل الحكم، يوالون الصهاينة، ويمدون أيديهم لإسرائيل ولا يمدون أيديهم إلى إخوانهم.. هؤلاء الحكام التي ابتليت بهم أمتنا ولم تأت بهم أصلاً الأمة لأن الأمة تزور عليها الانتخابات..
وأضاف: لقد كانت قمة الدوحة لنصرة غزة قمة ناجحة لأنها القمة التي أرادت أن تواجه الموقف بشجاعة، وقرروا تأييد المقاومة وصمودها، وقرروا أنه لابد من انسحاب العدوان، ولا بد من إعادة إعمار غزة، وأنشأوا صندوقاً لإعمار غزة، افتتحته قطر بربع مليار دولار، ولقد شاهدنا 12 من 22 وكنا نود أن يكتمل النصاب وأن يسارع قادة الامة للاجتماع، وإذا لم يجتمعون في مثل هذا الموقف متى يجتمعوا؟ واجتمعوا في قمة الكويت، وكنا نتمنى أن يخرجوا بأمر حاسم، وقال خادم الحرمين الملك عبد الله كلمة مؤثرة اصطلح بعدها عدد من الدول ولكن ما اتفقوا حتى اختلف وزراء الخارجية في آخر القمة، ولم يتفقوا لأنهم ينحازون لفريق ضد فريق ولهذا لا يمكن أن يكونوا وسطاء لأن الوسيط يجب أن يكون محايداً، ولأن الذي يريد أن يصلح ذات البين يجب أن يكون عادلاً، كما قال الله تعالى:
" فأصلحوا بينهم بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين".
ودعا فضيلته إلى دعم كل فصائل المقاومة في غزة بالمال والسلاح حتى ينتصروا على من اعتدى عليهم.
نأمل خيرا
وتحدث الداعية القرضاوي عن تنصيب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية قائلاً: احتشد المحتشدون لتنصيب باراك أوباما رئيساً لأمريكا، والعالم كله ينتظر ماذا سيصنع أوباما؟ هل سينتصر لجذوره الأفريقية وأصوله الاسلامية وينتصر لحقوق الانسان والمستضعفين في الأرض؟ أم سيظل على نهج سلفه وأسلافه من قبل، مستكبرين في الأرض بغير حق فرحين بما أوتوا؟.
وأضاف: إننا نأمل أن يكون أوباما خيرا مما سبق، وإن كنا لا نعول على أحد بعد الله تعالى وبعد أنفسنا وسواعدنا، ونتوكل على الله؛ لأن الاتكال على الآخرين لا يجدي شيئاً، وكما قال أنه سيتعامل مع العالم الإسلامي بفكر جديد وطريق جديد يقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ونطلب أن يكون كذلك، وأن لا يسمع إلى الشياطين الذين يوسوسون في صدور الناس من الجنة والناس، نرقب في عهده أن يبدأ صفحة جديدة، ومن مد يده إلينا بالخير مددنا إليه يدين، ومن مد يده إلينا بالشر حاولنا أن نقطع يده "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم".
وختم القرضاوي خطبته قائلاً: نحن أمة السلام، والله سبحانه وتعالى من أسمائه السلام، وتحيتنا في الدنيا والآخرة السلام.
___________
- المصدر: صحيفة الراية القطرية. بتصرف
No comments:
Post a Comment